أعتز بطلبتي وبقدراتهم المميزة. وأذكر مجموعة منهم قبل نحو 15 سنة، عندما كنا ندرس عمران مدينة القدس العزيزة.. سامر باعيسى، وعلاء الثقفي، وعبود القحطاني، ومنذر الطلحي، وسعود الدوسري، وخالد العطوي، وباسم الشريف، وعبد الرحمن الحربي، ومحمد عمر نور، وعماد الثبيتي. كان كل منهم على مستوى جدية يليق بمكانة بيت المقدس الغالية، وكانت كل محاضرة، بل وكل لقاء حتى لو كان خارج الجامعة لا يخلو من التحديات، كانوا يتنافسون على معرفة معالم القدس العمرانية وتاريخها وكأنهم من أهلها. وتشمل الثقافة العمرانية معرفة أبواب المسجد المختلفة، ومنها أبواب: الرحمة، والجنائز، والأسباط، وحطة، وفيصل، والغوانمة، والناظر، والحديد، والقطانين، والمطهرة، والسلسلة، والمغاربة، والباب المفرد، والمزدوج، والثلاثي.. علما بأن كلا منهم يحكي حكاية تعكس أهمية هذا المكان المقدس المهم للعالم الإسلامي، بل ولحضارة العالم بأكمله. والأبواب في العمران تحمل مدلولات مهمة بأحجامها ومقاييسها المختلفة سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وسواء كانت عامة أو خاصة. ولكن أهمية الأبواب لا تقتصر على العمران فحسب فهي ضمن صميم حياتنا اليومية، فضلا تأمل في باب الثلاجة الذي تستعمله كل يوم بدون أن تفكر في جمال تصميمه، جميع بيبان الثلاجات تفتح إلى الخارج نظرا للحاجة لتوفير أكبر فراغ داخلي للتبريد، لن تجد باب ثلاجة يفتح للداخل، وفضلا الملاحظة أنه بالرغم من حجم الباب المعدني الضخم، وبالرغم من قوته الشديدة، وخصائص العزل المتميزة الذي يوفرها بمشيئة الله من خلال توفير فروقات الضغط على أطرافه، إلا أن تحريكه غاية في السهولة وكأنه ريشة تحركها بأصبع واحد، ولاحظ أيضا سهولة حركة باب سيارتك بالرغم من حجمه وقوته واحتوائه على عناصر فولاذية لحمايتك.
وإن أردت أن ترى التجسيد الرائع لمبدأ التحريك الهندسي الإبداعي، فمن النادر أن تجد أفضل من بيبان الطائرات، عندما بدأت أكتب هذا المقال كنت مسافرا، وكان جلوسي بالقرب من أحد أبواب طائرة البوينغ 777.. وبعدما اكتمل عدد الركاب، تناولت المضيفة مقبض الباب وحركته بكل يسر فأغلقته، ولنقف لحظة للتأمل هنا، وزن المضيفة لم يصل الى 70 كيلو جراما، وأما وزن الباب فكان أكثر من ثلاثة أمثال ذلك، وحجمه أيضا يصل إلى ثلاثة أمثال أو أكثر، ولا توجد بداخل باب البوينغ مواتير كهربائية أو هيدروليكية لتحريكه، فكلها تروس «رمان بللي» وأذرعة «معجونة» بكمية ذكاء خارقة من الشركة المصنعة في اليابان.. نعم، الطائرة أمريكية والباب يصنع في شركة «ميتسوبيشي» اليابانية. وأضيف هنا أن تصميمه يخضع للعديد من المتطلبات العجيبة جدا، فهو يتحمل كمية ضغط رهيبة، ولا بد من الذكر هنا أن بيئة الطائرة الداخلية مكيفة الضغط، والمقصود بذلك أن بسبب انخفاض الضغط الجوي بمقدار نحو 3% لكل ألف قدم في الارتفاع، يتم ضغط الهواء بداخل المقصورة لتيسير التنفس الطبيعي للركاب، وعند التحليق في الأجواء العليا، يصل مقدار الضغط على كامل مساحة الباب إلى ما يعادل تقريبا وزن فيل أفريقي صغير.. ويتحمل الباب أيضا تغيرات رهيبة في درجة الحرارة، فعلى أرض مطار جدة كانت الحرارة نحو 35 درجة مئوية والرطوبة نحو 90%.. وبعد الإقلاع بنحو نصف ساعة وصلت درجة الأجواء الخارجية إلى نحو 50 درجة مئوية تحت الصفر والرطوبة كانت نحو 3% فقط، والباب يتحمل بإرادة الله كل هذه التغيرات.. هو الذي أغلقته المضيفة الصغيرة الحجم بدون أي مساعدة كهربائية أو ميكانيكية، والجميل أيضا أن السطح الخارجي للباب يبقى مواجها للخارج في جميع الأحوال سواء كان مفتوحا أو مغلقا، قمة الإبداع الهندسي بمشيئة الله.
أمنيـــة
تمثل الأبواب بعضا من أجمل العلامات الحضارية، فهي رموز تاريخية رائعة للمدن، ودلالات جميلة على الإبداع الهندسي على الأرض وفي السماء، أتمنى أن ندرك ذلك، وأن لا ننسى أن هناك أبوابا أهم من كل هذه وهي أبواب عمل الخير، ففيها أعظم الفرص لمساعدة الناس يوميا بما يرضي الله عز وجل، وهو من وراء القصد.
وإن أردت أن ترى التجسيد الرائع لمبدأ التحريك الهندسي الإبداعي، فمن النادر أن تجد أفضل من بيبان الطائرات، عندما بدأت أكتب هذا المقال كنت مسافرا، وكان جلوسي بالقرب من أحد أبواب طائرة البوينغ 777.. وبعدما اكتمل عدد الركاب، تناولت المضيفة مقبض الباب وحركته بكل يسر فأغلقته، ولنقف لحظة للتأمل هنا، وزن المضيفة لم يصل الى 70 كيلو جراما، وأما وزن الباب فكان أكثر من ثلاثة أمثال ذلك، وحجمه أيضا يصل إلى ثلاثة أمثال أو أكثر، ولا توجد بداخل باب البوينغ مواتير كهربائية أو هيدروليكية لتحريكه، فكلها تروس «رمان بللي» وأذرعة «معجونة» بكمية ذكاء خارقة من الشركة المصنعة في اليابان.. نعم، الطائرة أمريكية والباب يصنع في شركة «ميتسوبيشي» اليابانية. وأضيف هنا أن تصميمه يخضع للعديد من المتطلبات العجيبة جدا، فهو يتحمل كمية ضغط رهيبة، ولا بد من الذكر هنا أن بيئة الطائرة الداخلية مكيفة الضغط، والمقصود بذلك أن بسبب انخفاض الضغط الجوي بمقدار نحو 3% لكل ألف قدم في الارتفاع، يتم ضغط الهواء بداخل المقصورة لتيسير التنفس الطبيعي للركاب، وعند التحليق في الأجواء العليا، يصل مقدار الضغط على كامل مساحة الباب إلى ما يعادل تقريبا وزن فيل أفريقي صغير.. ويتحمل الباب أيضا تغيرات رهيبة في درجة الحرارة، فعلى أرض مطار جدة كانت الحرارة نحو 35 درجة مئوية والرطوبة نحو 90%.. وبعد الإقلاع بنحو نصف ساعة وصلت درجة الأجواء الخارجية إلى نحو 50 درجة مئوية تحت الصفر والرطوبة كانت نحو 3% فقط، والباب يتحمل بإرادة الله كل هذه التغيرات.. هو الذي أغلقته المضيفة الصغيرة الحجم بدون أي مساعدة كهربائية أو ميكانيكية، والجميل أيضا أن السطح الخارجي للباب يبقى مواجها للخارج في جميع الأحوال سواء كان مفتوحا أو مغلقا، قمة الإبداع الهندسي بمشيئة الله.
أمنيـــة
تمثل الأبواب بعضا من أجمل العلامات الحضارية، فهي رموز تاريخية رائعة للمدن، ودلالات جميلة على الإبداع الهندسي على الأرض وفي السماء، أتمنى أن ندرك ذلك، وأن لا ننسى أن هناك أبوابا أهم من كل هذه وهي أبواب عمل الخير، ففيها أعظم الفرص لمساعدة الناس يوميا بما يرضي الله عز وجل، وهو من وراء القصد.